المقامة ”الطوبالية” لإبن رشيق التونسي
طارق عمراني
حدثنا أبو سفيان الطوبالي المشهور بإبن رشيق التونسي أفادنا الله بعلمه و أنه في عودته من الحجاز والشمس في كبد السماء أناخ راحلته بمصر المحروسة للراحة و القليل من الإستجمام ليجد حفلا صاخبا أبى اصحابه ألا ان يستبركوا بكرامات حاجنا الموقر و أغلظوا عليه بالأيمان فما كان من صاحبنا الحاج إلا أن قبل على مضض بإعتبار أن الحفل كان مليئا بالجواري الملاح و أقداح الخمر و شتى صنوف المعاصي و المجون بأغاني الفاسق زرياب جعله الله من أهل النار فغضض من بصره حتى وقعت عيناه على قدح ظنه العطشان ماء فنهل منه ليطفئ عطشه بعد أن يبس ريقه من هول الصدمة و قد كان دون علمه خمرة معتقة من بلاد الروم فأستساغها لطيب مذاقها و طلب المزيد من هذا المشروب السحري حتى تمكنت منه السكرة دون علم منه وإذا بصاحب الحفل يأتي بكيس من الدراهم لحاجنا الذي ذكر أن من عادات سكان المحروسة ( انظر كتاب “في المحروسة عرضتني عروسة عطتني بوسة” )إكرام وفادة ضيوف إفريقية بالدراهم الذهبية خاصة أنهم و قد ذكروا له إسم تونس العزيزة (ثم اجهش بالبكاء و ابتلّ قميصه الطاهر دموعا )فما كان من مولانا لشدة كرمه أن رشق الدراهم على الجاريات الكاسيات العاريات المسكينات المغرر بهن علهن يتبن و يثبن إلى رشدهن أسوة بصاحبة الكرامات رابعة العدوية ،غير أن الخبر تسرب إلى إخونج الخوارج في تونس من أصحاب البدع وتسفير الشباب إلى الشام لمحاربة الفرس و الروس ،نعم فقد بث أصحاب فتاوي ختان البنات وارضاع الكبير سمومهم لتشويه حاجنا الموقر و قد أبلغ قبيلته في رسالة بأن هذه المحاولات الدنيئة لضرب صلح الحمامات لتوحيد قبائل النداء التاريخي لن تفت في عضده نكاية في حافظ إبن أبيه الذي أعلن 7 أيام من الأفراح والليالي الملاح على نخب هذه المكيدة .
من كتاب “راقصة المحروسة و الطوبال ” باب “في المحروسة عرضتني عروسة عطتني بوسة ” لإبن رشيق التونسي
أحدث التعليقات