نبيل القروي …. عصفور طل من الشباك

بقلم الأستاذ بولبابه سالم

من يسخرون من إعلان نبيل القروي ترشحه للرئاسة يجهلون تونس العميقة ، و ها نحن نشهد تنامي الخطاب الشعبوي في العالم الذي جعل طارئين على عالم السياسة رؤساء مع انحسار دور الأحزاب التقليدية و ما حدث في فرنسا و اوكرانيا دليل على ذلك .

200 الف كردونة يعني 200 الف صوت ، و جمهور المهمشين و الفقراء لا تهمه الصراعات الايديولوجية و لا شعارات النخب المترفة مثل “الحداثة في خطر” او “الاسلام في خطر” او المساواة في الميراث بقدر اهتمامه بتوفير قوت يومه . وهؤلاء الفقراء يذهبون الى صناديق الاقتراع و يصطفون في طوابير امام مراكز الاقتراع يوم الانتخابات رغم حرارة الشمس الحارقة ، اما “النبارة” فهم كسالى يخيّرون البقاء في المقاهي لكتابة التعليقات و التبجح بالمقاطعة بدعوى اليأس من التغيير .

نبيل القروي له منبر اعلامي قوي (قناة نسمة) التي لها نسبة متابعة محترمة و اغلب برامجها مسلسلات يتابعها النساء او يرحم خليل الموجه للفقراء .. و هؤلاء رقم مهم في الانتخابات .. لقد تخلت القناة منذ 2014 عن اغلب برامجها السياسية و كانت راس الحربة في مواجهة حكومة الترويكا و الاطاحة بها ،، و اعتبر القروي وقتها أنه عراب التوافق بين الشيخين في لقاء باريس الشهير و تبنت القناة وقتها خطا تحريريا جديدا يرعى مخرجات لقاء البريستول.

ثم اختصت في الاعمال الدرامية التركية التي جلبت لها نسبة متابعة عالية . و الغريب ان الدولة عاجزة عن تطبيق القانون حول استغلال القروي لقناته في الدعاية السياسية وهي سابقة في تونس ، و الاكثر غرابة ان القروي يتحدى الدولة بما يعني ان له حماية داخلية و حتى خارجية و ما حدث قبل رمضان عندما تجاهل قرارات الهايكا التي استعملت القوة العامة لحجز معدات القناة يؤكد ان الرجل اكثر من صاحب مؤسسة اعلامية فقد تسابقت الاحزاب و بعض الشخصيات المعروفة لدعمه ،، و احيانا يتهم القروي من بعض الصفحات الفيسبوكية المقربة من الحكومة انه مدان في قضايا تهرب ضريبي و عدم الانضباط للقانون مع اخبار تتحدث عن حملة ايقافات وشيكة ،، فهل استبق ذلك ليلعب دور الضحية السياسية و المتضرر من السلطة التي تبطش بمنافسيها؟

لا أقول انه سينتصر لكنه سيكسب نسبة أصوات معتبرة و ستكون له كتلة في مجلس النواب القادم،، الديمقراطية ليست فقط انتخابات بل بناء للوعي وهو ما اهملته النخب الغارقة في انانيتها و مصالحها الضيقة ، لأن حسن الاختيار يتطلب مواطنين لهم دخلا فرديا محترما ووعيا نوعيا ،اما وجود 25% من الشعب تحت خط الفقر سيجعل شعار القروي الذي اطلقه البارحة لدى اعلان ترشحه “عدوي الوحيد في تونس هو الفقر ” ذكيا و مربكا .

هذا عصفور طل من الشباك و قد يعانق حمامة مونبليزير . من يدري ؟؟؟
كاتب و محلل سياسي

 

You may also like...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

%d مدونون معجبون بهذه: